لبن العصفور

من طرف **hima** الخميس نوفمبر 04, 2010 12:35 am

ى برنامجه الانتخابى عام 2005، تعهد الرئيس مبارك بتوفير 4.5 مليون فرصة عمل، وقد كنا مع مرور كل عام، منذ طرح البرنامج فى حينه، إلى الآن، نسأل: كم فرصة توفرت، وأين، وكيف؟!

وإذا كانت هناك معلومات متاحة الآن، فهى تقول، إن 4 ملايين فرصة قد توفرت فعلاً، على مدى هذه السنوات القليلة الماضية، غير أن السؤال الأهم هنا، ليس عما إذا كانت فرص عمل بهذا العدد الضخم قد توفرت بالفعل أم لا؟!..

ولكن السؤال الذى يتعين علينا جميعاً أن ننشغل به، هو: كيف توفرت، ولماذا لا يبدو للناس، أن فرصاً بالملايين هكذا، قد تحققت.. فكل بيت تقريباً، فيه عاطل، وربما عاطلان؟!

أما الإجابة عن الشق الأول من السؤال، الخاص بـ«كيف» فهى أن 95٪ من هذه الفرص قد وفرها القطاع الخاص وحده، وبالتالى، فالدرس هنا، أن الطريقة التى تتعامل بها الحكومة، مع هذا القطاع، لابد أن تكون إيجابية من أولها لآخرها، لأن قطاعاً يوفر فرص عمل، بهذا الحجم، لم يعد خياراً، ولا نوعاً من الترف، ولا يحتمل «الهزار» الذى نلاحظه كثيراً، فى طريقة تعامل الدولة مع القطاع الخاص بمستثمريه جميعاً..

وأما الإجابة عن الشق الثانى، الخاص بعدم إحساس غالبية المواطنين، بتوفير هذه الفرص، فهى أننا زدنا العام الماضى فقط مليونين و117 ألفاً، بما يعنى أن زيادتنا فى عام واحد، أكثر من نصف ما وفرناه من فرص العمل فى 5 سنوات!

مرة أخرى.. ما معنى هذا؟!.. معناه أن أجهزة الدولة المعنية مطلوب منها أن تزيل كل عقبة من طريق أى مستثمر جاد، وراغب فى العمل الحقيقى، لا لشىء، إلا لأن توفير 4 ملايين فرصة عمل، معناه فتح 4 ملايين بيت، كما أن حرمان أى شاب، من العمل، معناه الحكم عليه بالموت!

الأجهزة التى تداهم بعض المستثمرين فى بعض الأحيان، وتطاردهم، وتغلق مصانعهم، مطلوب منها أن تداهم وتطارد الذين يقفون فى طريق مجىء المستثمر الجاد إلى أى موقع للعمل.

وإذا كانت الرقابة الإدارية - على سبيل المثال - تنفق الكثير من وقتها لتراقب موظفاً يحصل على جنيه واحد، أو على ألف ثم تسجل له، وتقبض عليه - وهذا مطلوب طبعاً - فإن دوراً آخر أعلى، عليها كجهاز مهم أن تمارسه، وهو مراقبة كل ورقة يتقدم بها أى مستثمر إلى أى مصلحة حكومية، لإنجاز شأن من شؤونه، ووقتها، سوف تستطيع الرقابة الإدارية أن ترى، ما إذا كانت ورقة كهذه، يجرى التعامل معها بجدية واجبة، أم أنه يجرى ركنها، وإهمالها، وتجاهلها، وبالتالى قتل الآلاف من فرص العمل فى مهدها!

وبالإجمال، فإن العثور على فرصة عمل هذه الأيام، أصعب من العثور على لبن العصفور، ومن شأن وضع كهذا، أن يرغم الحكومة، على أن تتصرف بشكل مختلف، وأن تدرك أن للدولة - والحال هكذا - دوراً مختلفاً أيضاً، إزاء القطاع الخاص، وأنها كحكومة لا يجوز أن تقطع خطوتين للأمام، ثم خطوة للخلف، وإنما يجب أن تضيف الخطوة، للاثنتين، لتقطع ثلاث خطوات، ثم أربعاً، لتصل إلى عشر خطوات، مرة واحدة، إذا شاءت!